الأحد، 31 يوليو 2011

هذا رمضان ،، فهل أنتم داخلون؟






رمضان ،، صحة 

يلجأ المتمسكون بمقولة "صوموا تصحوا" ، والمهتمون بالإعجاز العلمي ، إلى ركن الصيام وشهر رمضان لتسليط الضوء على فضائل الدين الإسلامي وسبقه إلى الاكتشافات الطبية في مجال الحمية الغذائية ومايتعلق بها من وقاية وعلاج .
ولا أشك أبداً أننا قد خذلنا هؤلاء الدعاة الأفاضل ونكّسنا رؤوسهم ، فإننا نزداد "كيلومترات" -وليس كيلو غرامات- من الوزن في رمضان ، وجبة الفطور ثم العشاء ثم السحور  تتخللها غارات مطبخية ومطعمية وأصناف الحلويات والعصيرات ، وبعد السحور نومة إلى الظهر وأحياناً إلى العصر ، لا تخفيف طعام ولا رياضة ولا أي إشارة أو حتى تلميح يدل على نية الحمية ، فلو أنني لم أسمع هذه الكلمة "صوموا تصحوا" في مادة التعبير وكتاب الفقه في المرحلة الابتدائية وعلى المنابر لما استنتجتها أبداً حسب واقعنا الحالي !
مادمنا قد قلبنا آيتي الليل والنهار وخدعنا أنفسنا بكذبة الصيام وترك الطعام بينما نحن -في الحقيقة- نائمون طيلة اليوم ، فلماذا إذن نحتفي برمضان عن طريق التفنن في صنوف الطعام؟
لازلت أجهل فكرة "المأكولات الرمضانية" ماهو الهدف منها بالضبط؟ هل هي مكافأة للنفس على النوم عن الصلوات والهروب من مواجهة مشقة الصيام ؟ أم أنها تعويض عن السكريات المحترقة لشدة الجهد المبذول في التقلب على السرير ورفع الرأس على الوسادة والشخير ونحوها من الأفعال الشاقة؟
لقد اجتمعت علينا المهلكات : أكل دسم ،، قلة حركة ،، إكثار من السكريات ،، نوم بعد وجبة السحور مباشرة ،، جلوس أمام التفاز ساعات مصحوبة غالبا بـ (نقرشات) خفيفة ،، إنني أخجل بعدها من أن أقول "صوموا تصحوا" ،  وأكاد أحمدلله أن الحديث ضعيف !!



رمضان ،، إنسانية

ففي رمضان تشعر بشعور الفقراء ،، نعم تشعر بالفقراء ،، نعم ،، نعم ،، تشعر بهم ،، نعم ،، أؤكد لكم أنه يجعلنا نشعر بهم ،، فقط أعطوني فرصة لأفكر قليلاً وأخبركم كيف يكون ذلك ..
حسناً إنني أستسلم ،، لا يمكن أن نشعر بهم !!
كيف نشعر بهم ونحن ننزل إلى الأسواق قبيل رمضان ونشتري من المقاضي ما الله به عليم : لحوم وخضار وأجبان وعصائر ،، وكأن رمضان هو زمن المجاعة وسيد الشهور العجاف ؟
كيف نشعر بالفقراء ونحن نبدد ألوف الريالات على توافه الطعام والشراب التي لا تنفعنا بل تضرنا؟
إلا إذا كنا سنشعر بهم بأن نخرج أمامهم بسلالنا الضخمة من المشتريات ونتمعن في نظراتهم إلينا و "نحس" بحرقتهم.
الصوم إنسانية ، فالجوع إذا قرصك شعرت بشعور الوهن والرغبة و العجز ، فذكرك ذلك بالجائعين والهالكين، ونمّى فيك التعاطف معهم ، والتفكير في أحوالهم ، ودفعك إلى محاولة مساعدتهم ، الصوم يزيل عن قلبك أدران التمدن المقيت وآثاره السلبية من انغماس في النعمة ونسيان للمعاني الإنسانية السامية ، فهل نشعر بذلك حقاً ؟
إن من ينام طول النهار على سرير وثير تحت مكيف زمهرير ولا يقرصه الجوع إلا قبيل المغرب بنصف ساعة كيف يمكن أن يشعر بشيء من ذلك؟ بل إن المرأة تدخل المطبخ منذ العصر تقلب أنواع المأكولات فتفوح رائحة الطبخ في الأجواء ،، كيف سيشعر بحال الفقراء من هذا حاله حتى لو جاع؟

مامضى من كلام قد يتخذه بعض الناس ذريعة للطعن في المحفّزات والمرغّبات في الصوم ، يحاولون نزعه من كل فضيلة وإلصاقه بالتعبد المجرّد ، في ردة فعل لما رأوه من انعدام الفوائد المحسوسة بسبب سوء تصرف البشر !!

لاشك أن صيامنا هو في المقام الأول تعبّد وتذلل لله ، ولكن لا ينبغي أن نغفل أيضاً -بل ويجب أن نفخر- أن رمضان قد حوى أصول الصحة واعتنى بمبادئ الإنسانية ، إنه مدرسةٌ للأجسام والعقول والأرواح ، وإذا كنّا قد مسخنا أنفسنا وانغمسنا بجهلنا في ترف العيش حتى انعمت بصائرنا عن ذلك ، فتلك غشاوة على قلوبنا وأبصائرنا رمضان الكريم منها بريء ،، وهو لمن جدّ في الطلب قد أشرع الباب ،، فهل أنتم داخلون؟


                                                          المصدر: مدونة مجرد كلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق